لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ .تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ

لماذا تسكت أميركا عن العنصرية في المناهج الإسرائيلية؟

جريدة الشرق الأوسط

الخميس 2 مايو 2005

القاهرة / محمد ناصر حافظ



خطة الإصلاح الشرق أوسطي الأميركية الصنع تستند إلى محاور أربعة رئيسية هي

إصلاح البنية السياسية لنظم الحكم،

وإدخال تغييرات جوهرية على مجمل النشاط الاقتصادي،

ثم إجراء تعديلات جوهرية في القيم الثقافية عبر البوابة الإعلامية،

إلا أن أخطر هذه المحاور هو

التغيير المطلوب للمناهج التعليمية،

وهو الأمر الذي أفردت له الإدارة الأميركية تقريرا خاصا عرف باسم

(خطة واشنطن لتغيير المناهج التعليمية في مصر والعالم العربي)

وهو جزء محوري من مشروع الشرق الأوسط الكبير.

ومن هنا تبدو أهمية كتاب (تربية العنصرية في المناهج الإسرائيلية) الذي تحدثت مؤلفته د. صفا محمود عبد العال أستاذة التربية المتخصصة في اللغة العبرية، عن قيم تربوية عنصرية يتم غرسها في ضمير النشء الاسرائيلي، وهو الأمر الذي يتم إغفاله أمريكا بصورة متعمدة والاكتفاء بالحديث عن مناهج عربية يتم تفصيلها على المقاس الأميركي الإسرائيلي

وقد اعتمدت الباحثة على تحليل مضمون عينة مناهج الدراسات الاجتماعية (16 كتابا من مادتي التاريخ والجغرافيا) المقررة من بداية الصف الثالث وحتى الصف السادس الابتدائي، وهي سنوات الحلقة التعليمية الأولى في إسرائيل، والتي تمثل القاعدة التي تقوم عليها مراحل التعليم الأخرى والتي يتم فيها تزويد الطفل بتوجيهات ذات قيم اجتماعية تمثل أحد الروافد الأساسية في تشكيل الشخصية للمواطن الإسرائيلي

وتبرز خطورة بعض هذه الكتب مثل كتاب «أرض الوطن» وكتاب «أرض إسرائيل» باعتبار أن دراستهما لا تنحصر على الحجرات الدراسية فقط، بل إن كل فقرة من فقراتهما تتبلور في شكل قصة درامية يجري عرضها من خلال التلفاز بما يشبه المسلسلات الدرامية

وقد قسمت الباحثة دراستها إلى سبعة محاور رئيسية، وأول تلك المحاور هو

النظرة الدونية للعرب، التي تعتمد على تشويه شخصية العربي الذي تنعته بصفات وضيعة كالثعابين والأفاعي واللصوص وقاطعي الطريق والإرهابيين المتعطشين للدماء والشحاذين الطامعين في الحصول على الصدقات اليهودية.

وتنقلنا في المبحث الثاني للدراسة إلى الوجه الآخر من العملة العنصرية والتي تروج لفكرة

نقاء العرق اليهودي وشجاعته وقوته التي تدفع العربي العدو للتقهقر الدائم،

كما تبرز نصوص الكتب التعليمية الإسرائيلية في توضيح

التمدن الإسرائيلي الذي يقابله تخلف العربي وفقره الحضاري

وفي هذا السياق تؤكد الكاتبة على تسلح العقيدة الاسرائيلية بالفكر الإمبريالي الأوربي العنصري، «الذي كان يعتبر كل رقعة من الأرض تقع خارج أوروبا بمثابة أرض خالية من السكان وتؤلف نوعا من الفقر الحضاري»

ولا تبرز العنصرية في مواجهة «الاغيار» فحسب بل تجاه بعض الطوائف اليهودية، فتنقل المؤلفة نصوصا من كتابي (أرض إسرائيل) و(القدس لي ولك) توضح

سياسة الإجحاف العنصري

التي يمارسها يهود اوروبا وأميركا (الاشكناز) ضد اليهود العرب عامة وبصفة خاصة اليمنيين سواء في العمل أو التعليم أو السكن

كما توضح

الأهمية القصوى التي توليها المؤسسة التعليمية للغة العبرية

ليس باعتبارها أداة التخاطب داخل الدولة فحسب، ولكن كأداة فارقة بين اليهودي وبين الآخر الذي يتسم بالدنو

ومن ثم يعرض الكتاب النصوص التي تتضمنها المناهج الدراسية الإسرائيلية والتي تؤكد حقوق اليهود التاريخية في امتلاك الجليل والضفة الغربية وغزة، وإبراز دور الرواد في الاستيلاء على الأرض، إلى جانب شرح للأساليب العنصرية في إدارة الحياة داخل المستوطنات التي تتم إقامتها على تلك الأراضي.

وتبرز الكاتبة في الفصل السادس من الكتاب، أحد أهم سمات الشخصية العنصرية وهي

الخوف وعدم الشعور بالطمأنينة

وتعتبرهما وجها آخر لادعاءات التفوق والاستعلاء، وعادة ما ينقلب الخوف إلى عدوان بحجة الدفاع عن النفس ومن ثم تجيء نصوص الكتب المدرسية لتعبئة العقول واستثارة المشاعر ضد العرب بالكراهية

لذا فإن أغلب النصوص الموجودة بكتب التاريخ والجغرافيا الإسرائيلية تؤكد على ضمان الأمن أولا وأخيرا،

كما تبرز أساليب وجدوى التنظيم الأمني، وضرورة فرض الحراسة على العرب، كما تربط بين التوسع في الاستيلاء على الأراضي والدواعي الأمنية، وتعتبر المستوطنات قرى للعمل والحراسة في ذات الوقت

أما الفصل الأخير من الكتاب فيرتكز على شرح وقراءة لأساليب

المناهج الإسرائيلية في طمس الهوية العربية للقدس،

وإشاعة هالة يهودية دينية لدى النشء الإسرائيلي، فالكتب الدراسية تقدم عرضا مفصلا عن تاريخ «أرض إسرائيل» تعتبر فيه تاريخ القدس هو التاريخ اليهودي وتتناول وصف محاولات بناء الهيكل الثالث، ومدى استمرار علاقة اليهود بأرض الميعاد، وحجهم المتواصل إلى الهيكل وغير ذلك من الطقوس الدينية.

وينقل الكتاب نصوصا حرفية من الكتب الدراسية تؤكد ارتباط القدس الأصيل بالتاريخ اليهودي واعتبارها عاصمة إسرائيل الأبدية، وإبراز مراسم الاحتفالات التي رافقت الاستيلاء على القدس، وكيف ان عملية تهويدها هي السبيل لمجيء المسيح المخلص


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق