لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ .تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ

فضائح بن غوريون



يروي الكتاب قصة تعرض قرية قبية العربية لهجوم أودى بحياة 69 رجلاً وطفلاً من المدنيين العزّل في مجزرة اتهم بها الجيش الإسرائيلي، وذلك في 14 أكتوبر 1953،
غير أن رئيس الوزراء آنذاك دايفيد بن غوريون نفى رسمياً أي تورط للجيش مصرحاً: لقد تأكدنا ووجدنا أن أياً من وحدات الجيش لم تغادر قاعدتها تلك الليلة.

يؤكد المؤلف أنه التقى بعد يومين، بصديق يعيش في مستوطنة يهودية على حدود قبية وأخبره أنه رأى جنوداً إسرائيليين مدججين بالسلاح يعبرون الحدود بقيادة آرييل شارون باتجاه قبية في الليلة، التي وقعت فيها المجزرة.
وأنكر بن غوريون ما تلا المجزرة من عمليات تغطية على غرار المجزرة التي طالت ركاب أحد الباصات بالقرب من (ماله هاكرابيم)

فالحكومة الإسرائيلية اتهمت العرب زوراً على الرغم من أن عصابة يهودية هي من ارتكب المجزرة

ولقد اكتشف لاحقاً، بفضل ما قام به من أبحاث معمقة، أدلة تثبت تورط الحكومة الإسرائيلية في مجزرة أخرى تمت برعايتها وعند هذا الاكتشاف، قرر أن يكتب ما وجده من معلومات لأنه علم أنه لا يمكن إخفاء الحقيقة من غير الإساءة إلى ما كان يحسبه ملاذ اليهود ومفزعهم

يتحدث المؤلف ناعيم غيلادي في كتابه «فضائح بن غورين» عن قصته، فقد كان شاباً يافعاً طامحاً إلى المثالية، ومستعداً إلى أقصى درجة للمجازفة بحياته من أجل معتقداته

ففي عام 1947 لم يكن قد أتم الثامنة عشر من العمر عندما ألقت السلطات العراقية القبض عليه لتهريب شبان عراقيين يهود مثله من العراق، عبر إيران إلى (أرض الميعاد)

كان منتمياً إلى الحركة الصهيونية السرية. ولم تترك السلطات العراقية إبان سجنه وسيلة لم تستخدمها لتنتزع منه معلومات عن المتواطئين معه وأسمائهم

وما زال يتذكر عندما ربطوه إلى سقف السجن وجردوه من ملابسه في يوم قارس البرد من يناير، ثم رموا عليه دلواً من المياه الباردة، وتركوه معلقاً لساعات ومع ذلك لم يفكر ولو للحظة واحدة أن يفشي لهم بالمعلومات التي أرادوها

الجحيم

يعرض المؤلف فترة وصفها بـ«عامين في الجحيم» همه النجاة بنفسه والفرار

يقول:

لم أكن مهتماً وقتئذ بجذور التاريخ اليهودي في العراق مع أن عائلتي كانت جزءاً من ذلك التاريخ فنحن بالأصل من آل هارون وهي عائلة كبيرة ومهمة من عائلات (الشتات البابلي)، وبعدها مع حكم العثمانيين، غيّروا اسم عائلتهم وصاروا يعرفوا بآل خلاصجي ومعناه (صناع الذهب الخالص)

يشرح كيف كان قابعاً في زنزانته غير مدرك سبب حكم الإعدام عليه، وراح يحاول أن يتذكر أي شكوى شخصية تقدمت بها عائلته ضد الحكومة أو الأكثرية المسلمة لكن من دون جدوى لقد اكتشف والده خبر انتمائه إلى الحركة الصهيونية السرية، قبيل أشهر من اعتقاله عندما رآه يكتب العبرية ويستخدم كلمات وعبارات لم تألفها أذناه وكم كان مندهشاً عندما عرف أنه عاقد العزم على الانتقال إلى إسرائيل

لقد غادر زهاء 125 ألف يهودي العراق باتجاه إسرائيل في أواخر الأربعينات، ولكن والده كان من بين ستة الآف يهودي لم يرحلوا إلى إسرائيل. لقد فرّ من سجن في معسكر أبو غريب من بعد أن حكمت المحكمة العسكرية عليه بالإعدام شنقاً، متجهاً إلى إسرائيل

ويضيف:

لقد وصلتها في مايو من العام 1950، وبعد ثلاثة أو أربعة أعوام تقريباً على قدومي إلى إسرائيل غيّرت اسم عائلتي إلى جلعادي وهو اسم مشتق من اسمي العسكري جلعاد الذي كنت أدعى به أيام انضمامي إلى الحركة الصهيونية السرية

ويعرض المؤلف كيف اكتشف حقيقة ما وجده في أرض الميعاد الوهم على المستوى الشخصي، وعرف حقيقة العنصرية المؤسسية وبدأ يدرك وحشية الصهيونية، فالاهتمام الأساسي لإسرائيل بيهود البلدان الإسلامية مردّه حاجتها إلى أيدٍ عاملة رخيصة لا سيما للعمل في المزارع، الذي يعد دون مستوى يهود أوروبا الشرقية المتمدنين

لقد احتاج بن غوريون إلى اليهود الشرقيين ليزرعوا آلاف الفدادين التي تركها الفلسطينيون بعد أن طردتهم القوات الإسرائيلية في العام 1948.

لا مشاعر في الحرب

وإذا كان العالم اليوم يرتعد من فكرة الحرب الجرثومية، فإن إسرائيل، حسب المؤلف، كانت أول من استخدمها فعلياً في الشرق الأوسط

ففي حرب العام 1948، كانت القوات اليهودية تخلي القرى العربية من سكانها غالباً بفعل التهديد، وأحياناً بإرداء عشرات العرب العزّل قتلى كعبرة لغيرهم،

وكي يضمن الإسرائيليون عدم عودة العرب إلى هذه القرى وعدم عيشهم فيها من جديد، كانوا يضعون بكتيريا التيفوس والدوسنتاريا في آبار المياه

وقد كتب يوري ميلشتين المؤرخ الرسمي للجيش الإسرائيلي عدة مؤلفات تحدث فيها عن استخدام مواد جرثومية،

فبحسب ميلشتين، أصدر موشي دايان أوامر في العام 1948 بطرد العرب وجرف منازلهم ومنعهم من استخدام مياه الآبار عبر تلويثها ببكتيريا التيفوس والدوسنتاريا

لقد بدأ المؤلف نشاطه في إسرائيل بعيد تلقيه رسالة من الحزب الاشتراكي الصهيوني يطلب إليه فيها المساعدة في الصحيفة العربية الصادرة عنه

يقول:

عندما بلغت مكاتب الحزب في المقر الرئيسي في تل أبيب رحت أسأل الموجودين عن مكان عملي، وجدت نفسي في قسم خاص باليهود القادمين من البلدان الإسلامية فشعرت بالقرف والغضب فإما أن أكون عضواً في الحزب أو لا أكون

فهل يكون مقتنعاً بأيديولوجيا مختلفة أو سياسة مختلفة لمجرد أنه يهودي عربي؟ وكانت تلك الحادثة بداية احتجاجه المفتوح
يعرض المؤلف كيف أنه لم يكن لدى مواطني الدرجة الثانية أمثاله فرصة كبيرة لتحسين أوضاعهم عندما كانت إسرائيل تتحارب مع أعدائها في الخارج

فبعد حرب 1967 كان في الجيش وخدم في سيناء عندما كان القتال مستمراً على امتداد قناة السويس
بيد أن وقف إطلاق النار مع مصر في العام 1970 منحهم الفرصة التي كانوا ينشدونها فنزلوا إلى الشارع ونظموا أنفسهم سياسياً للمطالبة بالمساواة في الحقوق

لقد صعدوا النضال بحدة وتلقوا دعاية كبرى إلى حد دفع الحكومة الإسرائيلية إلى محاولة تجريد حركتهم من أهميتها عبر تسميتهم (فهود إسرائيل السود)


وكانت التسمية ذات أبعاد عنصرية، لظن الحكومة أن الجمهور الإسرائيلي، سيرفض أي منظمة تشبه عقيدتها بعقيدة السود المتشددين في الولايات المتحدة

بيد أنهم رأوا ما يفعلونه ليس مختلفاً عما قام به السود في أميركا من كفاح ضد التمييز والفصل والمعاملة غير العادلة، وبدلاً من رفض التسمية تبنوها بفخر، وبحسب قوله أيضاً كان مكتبه مزيناً بملصقات لمارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس ونيلسون مانديلا وغيرهم من الناشطين في مجال حقوق المدنية

ومع الاجتياح الإسرائيلي للبنان وتسهيل إسرائيل لمجزرتي صبرا وشاتيلا اكتفى المؤلف من الدولة العبرية، وصار مواطناً أميركياً، وتخلى عن جنسيته الإسرائيلية

الكتاب: فضائح بن غوريون
المؤلف: ناعيم غيلادي
ترجمة: زينب جابر
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع

بقية الموضوع هنا...

من بونابرت الى بلفور



هذا الكتاب نشر بباريس وأعده المركز الفرنسي للبحث في القدس،
يعتبر من أهم ما نشر في فرنسا خلال السنوات الأخيرة حول العلاقات التاريخية بين أوروبا الغربية وفلسطين
في مقدمة هذا الكتاب الجماعي الذي شارك فيه 21 باحثا، يقول المحرران، دومينيك ترامبور (مركز البحث الفرنسي في القدس) و ران آرونسوهن (الجامعة العبرية في القدس) إن الفترة التاريخية موضوع الدراسة 1799-1917 حددها حدثان تاريخيان،
· دخول نابليون بونابرت الشرق
· قيام دولة إسرائيل
وقد رأى مركز البحث الفرنسي في القدس أن يجمع مجموعة من الدراسات الخاصة بهذه الفترة منتهجا التنوع، لتقديم مؤلف يسمح بالتقاء كتاب من مختلف الأصول يدرسون المنطقة نفسها إبان الفترة نفسها ومن خلال وجهات نظر مختلفة
وعن هذه الحقبة التاريخية الهامة يقول المحرران
"إنها تصادف القرن الأخير من السيطرة العثمانية، وعليه فهي ربما الأكثر ثراء من الناحية التاريخية، خاصة في مجال العلاقات الدولية"
والكتاب هو الجزء الأول من مشروع يغطي الفترة ما بين 1799 و1948وعن سبب التركيز على أوروبا الغربية دون إدراج روسيا يقول المحرران إن الهدف هو المقارنة بين الحقبتين، بينما الوجود الروسي في فلسطين انتهى مع ثورة أكتوبر/ تشرين الأول وسقوط الإمبراطورية العثمانية
القرن الـ19 كان قرن اختراع مصطلح الأرض المقدسة، الذي هو مصطلح ديني سياسي يشكل بالنسبة للغرب البعد الافتراضي لفلسطين العثمانية
فلسطين واجتياح بونابرت

يقول المحرران إنه بعد دخول بونابرت مصر واجتياحه العابر للأرض المقدسة، خرجت فلسطين من سباتها كمقاطعة داخلية لإمبراطورية شاسعة ولم تكن فلسطين آنذاك كيانا سياسيا وإداريا محددا، حتى إن بونابرت لم ير أنها تستحق الزيارة
ومع القرن 19 خاصة بعد الحملة الفرنسية على مصر، بدأت فلسطين تجذب تدريجيا اهتمام القوى الأوروبية حتى أصبحت تحظى بأهمية جيوإستراتيجية كبيرة في حساباتها، لتصبح في ما بعد مسرحا للصراع بينها للحصول على المزيد من الامتيازات في الإمبراطورية العثمانية.
وفي إشارة لما كتب حول هذه الحقبة الزمنية، يقول المحرران إن أهم الأدبيات موجودة بالإنجليزية وأن أهم ومعظم ما كتب بهذه اللغة هو من فعل كتاب إسرائيليين أما الأدبيات الفرنسية والتي كانت ضعيفة فقد حققت تقدما ملحوظا خلال العقدين الأخيرين أما عن الأدبيات الألمانية، فيقولان إن زيارة الإمبراطور غليوم الثاني للأرض المقدسة في 1898 شكلت نقلة كمية ونوعية في هذه الأدبيات، حيث مثلت هذه الزيارة ولوجا رسميا لألمانيا في الشؤون الفلسطينية
يلاحظ المحرران أن الأدبيات الأوروبية كانت في اهتمامها بفلسطين رهن التوجهات السياسية للقوى الأوروبية، حيث إن الدول الأكثر نفوذا في فلسطين أو التي أولتها اهتماما خاصا عرفت حركة نشر مهمة في مختلف الموضوعات حول فلسطين.
أما في ما يخص الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة بالعبرية، فهي تحوي أيضا مؤلفات إسرائيلية حررت بالإنجليزية وحتى الألمانية، ومن كتبوا بالعربية هم نفسهم الذين كتبوا بالإنجليزية خلال العقود الأخيرة.

ويلاحظان أن التأريخ الإسرائيلي فيما يخص فلسطين القرن التاسع عشر ركز على محورين أساسيين أولهما الرحلات والمستعمرات الألمانية والأميركية والقناصل الأميركيون، وثانيهما هجرة واستيطان اليهود.

أما في ما يتعلق بالأدبيات العربية، فيقولان إنها معروفة لكن قُلل من شأنها لاعتبارها تبريراً لمطالب وطنية.
يقول المحرران إن ما يعاب على التأريخ بصفة عامة بخصوص فلسطين هو كونه لم ينظر إليها نظرة شاملة بل اهتم بأجزاء منفصلة دون محاولة جمعها كما أن التحليل التاريخي شابته المواقف السياسية، مما جعل مواقف المؤرخين متعارضة لكن مع مرور الزمن تمكن التأريخ من الإلمام بمختلف جوانب هذه المنطقة بما تسمح به المصادر (التاريخية) المتاحة وفي هذا الإطار يندرج هذا الكتاب الذي يقدمانه محاولة شاملة تطرح فيها مختلف التوجهات مع التركيز على الوجود الفرنسي في الأرض المقدسة.
ونظرا للعدد الكبير للمساهمين في هذا المؤلف، يتعذر ذكرهم كلهم، وعليه سنكتفي بالإشارة إلى أهم النصوص.
الأدبيات الأوروبية كانت في اهتمامها بفلسطين رهن التوجهات السياسية للقوى الأوروبية، حيث إنالدول الأكثر نفوذا في فلسطين أو التي أولتها اهتماما خاصا عرفت حركة نشر مهمة فيمختلف الموضوعات حولفلسطين
مسرح لصراع النفوذ
وفي مساهمة افتتاحية قيمة بعنوان "فلسطين في العلاقات الدولية 1798-1914"، يوضح روجي هايكوك (جامعة بيرزيت) كيف تحولت فلسطين من منطقة هامشية في الإمبراطورية
العثمانية المترامية الأطراف إلى مسرح لصراع النفوذ بين القوى الأوروبية
ويرى أن حملة نابليون "فتحت الشرق لأوروبا" وهذا الشرق كان أساسا مصريا، لكنه يضم فلسطين التي احتل بونابرت قسما من ساحلها، قبل أن يُقذف به خارجها من قبل أحمد باشا الجزار (حاكم مقاطعة صيدا) المدعوم من الإنجليز
وهنا يتحدث عن غزو سوريا من قبل محمد علي أو بالأحرى نجله إبراهيم باشا عام 1831، والذي تمكن من الاستيلاء على فلسطين بتشجيع من فرنسا وكان محمد علي يسعى لإقامة كيان جديد قوي على أنقاض الإمبراطورية العثمانية الهرمة وقد انتهج إبراهيم باشا سياسة انفتاح حيال مسيحيي الشرق كما فتح القدس ودمشق للأوروبيين لكن مع تقدم الجيش المصري، تحركت القوى الأوروبية، إنجلترا، روسيا، النمسا وبروسيا -باستثناء فرنسا– بدعم السلطان العثماني ووضعت حداً لـ "حلم محمد علي في سوريا" في 1841.

وظهر في ذلك الوقت التركيز القوي للقوى الأوروبية على فلسطين بالذات، وبدأت محاولات تحديد معالمها الجغرافية. هكذا حدث في القرن 19 انتقال مركز الثقل من صور إلى فلسطين، حيث ازدهر الاقتصاد والمبادلات التجارية مع أوروبا، وكانت القدس المركز الثقافي، بينما نابلس المركز الاقتصادي.
مع مطلع الأربعينيات من القرن 19 بدأت حركة الإصلاحات في الإمبراطورية العثمانية والتي تزامنت مع تدفق القناصل والمبشرين ورجال الدين الأوروبيين نحو فلسطين وهنا بدأ التنافس بين القوى الأوروبية للحصول على الامتيازات الواحدة تلو الأخرى في الإمبراطورية العثمانية، بدعوى حماية المسيحيين
ويشير المؤلف إلى تنامي النفوذ الفرنسي القوي في فلسطين لا سيما عبر إقامة قنصلياتها في الأرض المقدسة، إذ كانت فرنسا تعتبر نفسها القوة الحامية للكاثوليك في الشرق وقد طبق قناصلها سياسة المحمية الكاثوليكية الفرنسية، إلى درجة أن أصبحوا مستشارين في الخفاء للحاكم العثماني
ومن خلال اتفاق ميتيلان (1901) ومعاهدة القسطنطينية (1913) المبرمة مع الباب العالي، تمكنت فرنسا من تسجيل نقاط إستراتيجية ليس فقط تجاه الإمبراطورية العثمانية وإنما أيضا حيال القوى الأوروبية الأخرى التي تنافس امتيازاتها في الإمبراطورية العثمانية
حرب كريميا

ويشير هايكوك هنا إلى أحد أبرز حلقات الصراع الدولي على فلسطين، حرب كريميا "فهي أول حرب، منذ الحروب الصليبية، اندلعت بسبب قضية التحكم في فلسطين"، وهي مليئة بالعبر من حيث آليات عمل النظام الدولي
وهي الحرب الوحيدة الهامة فيما بين مجموعة القوى الكبرى بين مؤتمر فيينا، في 1815 وحرب 1914نجاح امتحان الوفاق بين هذه القوى وقدرتها على تسيير النظام الدولي
ويرى أن فلسطين كانت السبب الحقيقي لهذه الحرب التي كانت كريميا مسرحا عسكريا لها
السبب العلني كان التحكم في إمارات مولدافيا وفالاشي الرومانية لكنها حرب وقائية معادية لروسيا، وفي الوقت نفسه حرب انفصالية عثمانية
الصراع بدأ في فلسطين بين مختلف القوى الأوروبية الساعية لإحباط النفوذ الروسي المتنامي في الإمبراطورية العثمانية عبر حماية المسيحيين الأرثوذكس، خاصة أن البطريق الأرثوذكسي لم يعد ابتداء من 1843، يُنتخب في القسطنطينية بل في القدس
بعد انتقال مركز الثقل الأرثوذكسي من القسطنطينية إلى القدس، تحركت فرنسا والسلطة البابوية في روما البطريق اللاتيني الذي يقيم منذ مئات السنين في روما نُقل في 1847 إلى القدس ولم يتأخر التصعيد، الذي كان في بداية الأمر رمزياً، ثم أيديولوجياً عثمانياً-عثمانياً قبل أن يصير عسكرياً ودولياً
فقد اضطرت السلطات العثمانية في 1847 لاستخدام الجيش لوضع حد لاشتباكات بين مختلف الطوائف المسيحية في القدس. ومن هنا قاد التصعيد تدريجياً نحو الحرب في كريميا (1853-1856) بين روسيا من جهة والقوى الأوروبية الأخرى في إطار تحالف ضم الإمبراطورية العثمانية وسردينيا (إيطاليا فيما بعد)
وحسب المؤلف فإن "حرب كريميا حرب وقائية، لمنع روسيا من تحويل الإمبراطورية العثمانية إلى محمية ولكنها أيضاً حرب انفصالية مسبقة ورهانها هو الإمبراطورية العثمانية نفسها وقد اعتبرت القوى الأوروبية آنذاك أن سقوطها لا مفر منه".
إن القناصل الفرنسيين تميزوا باحتقارهم للسكان الأصليين بمختلف انتماءاتهم الدينية وقد شرع هؤلاء في شراء الأراضي في فلسطين والعمل على جعل الأماكن المقدسة المسيحية في القدس محمية فرنسية بمباركة البابا

القناصل الفرنسيون
أما ران كوهين-ميللر فقد وضح من خلال دراسة حول القناصل الفرنسيين في فلسطين، أنه رغم التقلبات السياسية في فرنسا (التأرجح بين الملكية والجمهورية) فإن السياسة المتبعة كانت نفسها إنشاء محمية فرنسية في فلسطين بدعوى حماية المسيحيين بمختلف طوائفهم وحماية المؤسسات الفرنسية في الأرض المقدسة
وأسهم في تدعيم هذه السياسة تحالف باريس مع الفاتيكان الذي يخشى النفوذ الروسي المتنامي في الأوساط الأرثوذكسية في الأرض المقدسة
أما فرنسا فكانت تخشى النفوذ الديني والسياسي الروسي في الإمبراطورية العثمانية عموما وقد كان نفوذ القناصل الفرنسيين كبيرا إلى درجة أنهم أصبحوا شبه حكام في الخفاء لفلسطين
وكان صراع النفوذ قويا بين القناصل والسفراء الأوروبيين في فلسطين. كما أصبح هؤلاء، بعد حرب كريميا، يتصرفون كسلطة موازية تمارس ضغوطا على الباب العالي.
ويقول الكاتب إن القناصل الفرنسيين تميزوا باحتقارهم للسكان الأصليين بمختلف انتماءاتهم الدينية. وقد شرع هؤلاء في شراء الأراضي في فلسطين والعمل على جعل الأماكن المقدسة المسيحية في القدس محمية فرنسية بمباركة البابا
ويرى الكاتب أن القرن 19 كان قرن "اختراع مصطلح الأرض المقدسة، الذي هو مصطلح ديني-سياسي يشكل بالنسبة للغرب البعد الافتراضي لفلسطين العثمانية"
وقد أسهمت الرحلات والحملات العلمية في تجسيد هذا البعد عمليا
هكذا دخلت فلسطين في مجال البحث عن سيطرة العالم في ذلك الوقت من قبل القوى الأوروبية، حيث التقى مختلف الفاعلين في هذا الحيز الضيق الذي هو القدس
فقبل 1841 لم تكن القدس إلا مدينة صغيرة من دون أهمية وإذا كان العثمانيون قد رفعوا من شأنها بجعلها عاصمة بشالق (ولاية باشا في النظام العثماني)، فلم يكن ذلك بمحض الصدفة، إذ تزامن هذا القرار مع بداية اهتمام القوى الأوروبية بالقدس التي أصبحت النواة التي تشكل حولها مفهوم الأرض المقدسة
الخلافات اليهودية
وحول اتفاقات ميتيلان وهي جزيرة تقع على مقربة الساحل التركي في بحر إيجه، تبين إستار بن باسا في مساهمة هامة لها بعنوان
"التحالف الإسرائيلي الكوني والمشاريع اليهودية في فلسطين"
كيف ظهرت جمعية "التحالف الإسرائيلي الكونية" التي أسسها ثلة من الشباب اليهودي الفرنسي لتحسين وضع اليهود في العالم
وتقول إنها تجد أصولها الثقافية في حركة التنوير اليهودية في أوروبا والتي كانت تدعو إلى اندماج اليهود ثقافيا واجتماعيا في الدول التي يعيشون فيها وهذا ما جعل هذه الجمعية لا تساند في بداية الأمر فكرة قيام وطن قومي لليهود في فلسطين لكنها سرعان ما أسهمت في الاستيطان في فلسطين وبفضل نشاطها في إسطنبول، عاصمة الإمبراطورية ومقر إقامة الحاخام اليهودي الأكبر،
حاولت هذه الجمعية إفشال المفاوضات حول وطن قومي لليهود في فلسطين التي كانت تقودها الحركة الصهيونية في الإمبراطورية العثمانية
وقد احتدم الصراع بينها وبين الحركة الصهيونية في القدس في 1908 بسبب الخلاف حول انتخاب حاخام المدينة الأكبر لكن هذه القضية لم تكن نقطة الصراع الوحيدة، حيث إن الصهاينة كانوا في أغلبهم ألمانا، يتحدثون الألمانية والحركة الصهيونية كانت تتخذ من ألمانيا مقرا لها، بينما كان التحالف الإسرائيلي الكوني فرنسي اللغة والمنشأ وبالتالي قاد هجوم الصهاينة القوي على هذه الجمعية إلى تقربها من السلطات الفرنسية
لكن رغم هذا العداء، فإن هذه الجمعية توسطت في بعض الأحيان بين الحركة الصهيونية والباب العالي، كما تدخلت في العديد من المرات لدى هذا الأخير للدفاع عن اليهود، كتدخلها لطلب تسهيل آليات حصول اليهود على الجنسية العثمانية، إذ كانت الجنسية هي العقبة الرئيسية أمام شرائهم أراضي في فلسطين
ومع الحرب العالمية ووعد بلفور وتصلب عود الحركة الصهيونية العالمية ثم سقوط الإمبراطورية العثمانية، ضعفت هذه الجمعية التي لم يتغير موقفها من الحركة الصهيونية لكن بعد المحرقة خلال الحرب العالمية، دعمت قيام دولة إسرائيل لتصبح فيما بعد من أشد مسانديها
الكتاب يعطي الانطباع بأن فلسطين كانت شبه فارغة من السكان، والعدد الملحوظ من المساهمين اليهود من مختلف الجنسيات يفقد هذا الكتاب التوازن في التحليل ويناقض ادعاء المحررين طرح وجهات نظرمختلفة

تجاهل فلسطين وأهلها
لقد أصاب هذا الكتاب في تغطية لحقبة تاريخية هي الأخطر في التاريخ العربي- الإسلامي، وتوضيح صراع النفوذ والمطامع الأوروبية في الإمبراطورية العثمانية، وكيف أن هذه القوى المتنافسة كانت تتفق في بعض الأحيان على الإبقاء على الرجل المريض قيد الحياة، ما دامت شروط تفكيك الإمبراطورية لم تتوفر بعد، ولما توفرت تم تفكيكها
كما أظهر كيف مزجت هذه القوى ببراعة بين الدين والسياسة لخدمة أهدافها الإستراتيجية وكيف اعتبرت المبشرين والمؤسسات الدينية جيوشا للدفاع عن مصالحها في انتظار اللحظة السانحة لإرسال قواتها المسلحة الفعلية للمنطقة
ووضح طبيعة العلاقة المتقلبة بين القوى الأوروبية واليهود والتي تطورت نحو التحالف
لكن ما يعاب على هذا الكتاب هو

*عدم تقديمه تحليلا تاريخيا للوضع الاجتماعي الاقتصادي السكاني في فلسطين، ما عدا بعض الإشارات المتناثرة

*طبعا الكتاب يتعلق بفرنسا وأوروبا الغربية في فلسطين، لكن كيف يمكن دراسة هذا دون التطرق إلى فلسطين نفسها؟ فالكتاب يعطي الانطباع بأن فلسطين كانت شبه فارغة من السكان

*العدد الملحوظ من المساهمين اليهود من مختلف الجنسيات يفقد هذا الكتاب التوازن في التحليل ويناقض ادعاء المحررين طرح وجهات نظر مختلفة

*كما افتقد المحرران إلى الموضوعية لما اعتبرا أن الأدبيات العربية تترجم مواقف سياسية

*وكأن الأدبيات الإسرائيلية والأوروبية تمثل قمة في الموضوعية؟

-اسم الكتاب : من بونابرت إلى بلفور) فرنسا، أوروبا الغربية وفلسطين) 1799-1917
-المؤلف : دومينيك ترامبور وران آرونسوهن
-عدد الصفحات :435
-
الطبعة: الأولى 2002
-الناشر : المركز الوطني للبحث العلمي - باريس

بقية الموضوع هنا...

نجاحات يهودية في عصور المسلمين الذهبية



يمثل موسى بن ميمون نموذجاً فذاً للنجاح اليهودي في دولة الخلافة الإسلامية، فالرجل يهودي لم يخف دينه ومع ذلك وصل إلى منصب طبيب الخليفة فوزيره .

وهذه الشخصية العربية التي تدين باليهودية هي نفسها التي كتبت التلمود الذي لا زال يكتب صفحاته حتى اليوم حاخامات اليهود(التلمود كتاب الدين والدنيا اليهودي تزاد صفحاته بحسب التقليد اليهودي كل ما مر يوم)

لقد كان المسلمون في الأندلس - إسبانيا حملة السلاح والوظائف، وكان اليهود بالاضافة الى المساهمات الفكرية لهم في الأندلس، صناعاً مهرةً في المهن اليدوية كصياغة الذهب والفضة وفي أعمال المعادن والدباغة، كما كانوا الواسطة بين العالم المسيحي والإسلامي في التجارة، لهذا ظهر منهم تجار جابوا أوروبا و الشرق الأوسط بل حتى الشرق الأقصى.

في القرن الحادي عشر ابتكر التجار اليهود في اسبانيا صكوكاً (شوفاتاجية سفتجة ) في التجارة، وربما كانت الأولى في التاريخ في المعاملات التجارية.

في القرن الحادي عشر غزى البربر قرطبة فسقطت المملكة الأموية الى الأبد وحل زمن ملوك الطوائف ، وبقي اليهود يعملون كأطباء وتجار ودارسين ، وقد مارس الوزارة منهم (صاموئيل نكريلا) وابنه (جوزيف) ولأول مرة عملا قائدين في الجيش الاسلامي .

استمر الحكم العربي الإسلامي من عام 711 ميلادية أي من بداية القرن الثامن حتى نهاية القرن الخامس عشر 1492 وكان (العصر الذهبي اليهودي في الاندلس) هو (العصر الذهبي الأموي) الذي يسمونه ايضا عصر الموريش (Moorish) أي البحريين ، انتهى (العصر الذهبي اليهودي في الاندلس) بسقوط آخر قلاع العرب في غرناطة مع حصارها واستسلام آخر ملوك بني الأحمر، وجاء عصر المسيحيين الإسبان ومحاكم التفتيش التي كانت تحرق المسلمين واليهود جماعيا أو تجبرهم على اعتناق المسيحية.

وقد فرّ إلى المغرب العربي الإسلامي ومصر واليمن مئات آلاف اليهود في ذلك الزمن، مات عشرات الآلاف منهم في الطرق التي سلكها اليهود والمسلمون جنباً إلى جنب هرباً من المذابح المسيحية، إلى بر الأمان في الدولة الإسلامية على الضفة الأخرى من البحر.

في العصر الذهبي لدولة المسلمين في الأندلس، و تحت حكم المرابطين في 1090 تمتع اليهود بمكانة كبيرة ، فبرز منهم الشاعر (أبو أيوب بن المعلم) و (إبراهام بن كمنيال) و (أبو إسحق بن مهجر) و (سولومون بن فاروسال)

وفي تلك الفترة عاش اليهود والمسلمون في طليطلة ،وهي فترة ترجمة بعض المخطوطات العربية الى اللاتينية، منها أعمال ابن رشد وابن سينا،في هذه المرحلة انضم أربعون ألفاً من اليهود إلى (الفونسوا السادس ) لمقاتلة المرابطين، فلما هزم المرابطون المسلمون بطش الفونسو باليهود وقال لهم كلمته المشهورة:

" من خان من أكرمه (أي المسلمون) لا يأمن لهم من كفروا بربه "

عاد الاسبان الى الأندلس، فصدر قرار طرد اليهود والمسلمين في 1492 من إسبانيا والبرتغال أو القبول بالمسيحية بعد سلسلة من المذابح المسيحية ضد الطرفين.

إن الكثير من المخطوطات الطبية العربية قد أحرقت بدوافع دينية مسيحية، و لهذا فقد ترجمت الكثير من المخطوطات الطبية العربية من ترجماتها العبرية.

وإثر سقوط غرناطة غادر آخر ملوك العرب أبو عبدالله الصغير على فرسه في العام 1492 باكياً فقالت له أمه "ابك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال"

وبذلك سقطت الأندلس (الفردوس المفقود) لليهود وللمسلمين .

يصح القول إن اليهود في الأندلس عاشوا عصراً ذهبياً، لأنهم أتقنوا العربية بالإضافة إلى إتقانهم لغات أخرى لذلك ساهموا في إغناء التراث الثقافي العربي بظهور عباقرة منهم في الثقافة.

وكتأكيد على الفكرة التي نطرحها عن ودية التعامل الإسلامي اليهودي عبر التاريخ ما قبل اغتصاب فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، يقول الراباي (الحاخام) اليهودي السوري بيار كنعو الذي عاد من هجرته إلى دمشق لكي يرعى الكنيس وبضع عشرات من يهود سوريا التي يزورها المئات منهم سنوياً، من أميركا وكندا لتفقد أملاكهم ومواطن طفولتهم، يقول الراباي بيار إن " يهود سوريا والعراق ولبنان، هاجروا إليها من الأندلس بعد سقوطها بيد المسيحيين هرباً من المجازر"

وفي مقابلة مطولة أجرتها معه الكاتبة الكندية الصديقة ميليسا كوكينيس، أكد الراباي أن يهود إسبانيا بعد هروبهم إلى المغرب استوطن الكثير منهم تلك البلاد ،و آخرون أكملوا الطريق باتجاه السلطنة العثمانية المسلمة، وسكنوا في إسطنبول ودمشق وبغداد وبيروت والموصل و القامشلي وإدلب.

وعن هجرتهم إلى الغرب قال: الأسباب إقتصادية كما هي بالنسبة لملايين السوريين الذين هاجروا أيضاً وهم مسلمون ومسيحيون، مؤكداً بأن أملاكهم وأرزاقهم في دمشق لم تمس وأنهم وهم في أميركا والغرب، كان وكلائهم من المسلمين يجمعونها لهم في البنوك .

مضيفاً بأن التاريخ اليهودي مليء بالتعاون والسلام مع المسلمين في الشرق
(من فيلم وثائقي بعنوان خلف بولس إلى دمشق 2007 )

أما في المغرب وفي اليمن وفي العراق وسوريا ولبنان، فقد عاش مئات آلاف اليهود عبر العصور الوسطى والمتأخرة وحتى القرن العشرين بلا أي مشكلة أو حروب بين الطرفين.

وكانوا مقبولين ومندمجين في المجتمعات العربية يمارسون أرقى أنواع الأعمال والتجارة والصناعة والبنوك ولكن قيام دولة الكيان الصهيوني وتر العلاقة بين الطرفين وبدأت الأجهزة الصهيونية الأمنية والإعلامية بارتكاب سلسلة من التفجيرات في أماكن وجودهم ، وحروباً نفسية على اليهود لتهجيرهم إلى فلسطين المحتلة.

ولا تزال فضيحة الموساد في العراق وفي مصر ماثلة للأذهان، حيث قام هذا الجهاز الإجرامي بتوريط اليهود في أعمال تفجيرية إرهابية ضد السفارات والمصالح الأميركية والبريطانية في القاهرة فيما عرف بفضيحة لافون،وفي بغداد قتل الموساد بالتفجير عشرات اليهود لكي يتهم العرب بذلك .
ولكن السلطات العراقية إعتقلت الفاعلين وحاكمتهم وكانوا يهوداً من حملة الجنسية الإسرائيلية
للبروفسيور ايلي بن سيمون

بقية الموضوع هنا...

اليهود في الأندلس ( الحلقة التاسعة)



اليهود والسلطة في غرناطة
بعد المجهود الكبير اللي عملوه الموحدون في الحفاظ علي الدولة الاسلامية في الأندلس وبعد الانتصارات المتتالية علي الصليبين وتحرير مدن اندلسية كتير من ايديهم طبعا بعد كل ده لازم يضعف الموحدون ومنحني القوة في الدولة الاسلامية يقل وينزل
وكانت أول هزيمة للموحدون في معركة العُقاب سنة 609 هـ - 1212 م وسميت بالاسم ده لأنها وقعت بالقرب من حصن أموي اسمه العًقاب
وبالمناسبة الهزيمة دي كانت أول مراحل انفراط العقد الأندلسي وسقوط المدن الاسلامية الواحدة وراااا التانية
لكن الحقيقة غرناطة هي المدينة الوحيدة اللي فضلت وقاومت وقدر المسلمين يحتفظوا بيها ويأسسوا مملكة صمدت اكتر من قرنين من الزمان في وش القوة الصليبية
وكان أول مؤسس للملكة دي او السلطنة دي هو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر المعروف بابن الأحمر
وبرغم قوة الأسبان والممالك الصليبية المجاورة لغرناطة الا ان بنو الأحمر فضلوا أقوياء وصامدين
*المهم ان اليهود في الفترة دي كانوا بيلبسوا ملابس تميزهم عن غيرهم من المسلمين (عشان يتعرفوا يعني )
*وكان سلاطين غرناطة بيستخدموا بعض التجار اليهود جواسيس علي النصاري الأسبان في الممالك المجاورة لكن الحقيقة ان ولا يهودي اتعين في اي منصب حكومي كبير في غرناطة
*ماسمعناش ولا قرأنا عن أي تمرد لليهود في الوقت ده وكمان ماسمعناش او قرأنا أي ثورة ولا انتفاضة علي اليهود زي ما كان بيحصل في السابق ( في عصر باديس أيام يوسف ابن نغدلة )
*غرناطة بقت ملجأ لأي يهودي يهرب من اضطهاد النصاري ليهم وده طبعا مش بسبب ظلم النصاري لكن بسبب الممارسات اليهودية زي الربا والديون انتوا عارفين بقي ...
*كان الطبيب اليهودي يحيي بن الصائغ هو الطبيب الخاص لبني الأحمر في أواخر القرن الـ 18 الهجري الـ 14 الميلادي وكان وقتها السلطان أبا الحجاج يوسف الثاني واللي اكتشف ان الطبيب يحيي حط ليه السم بتدبير وتخطيط من خالد القائم بدولته فقام الحجاج بقتل خالد وبعد كده سجن الطبيب يحيي وبعد شوية قتله هو كمان
*وبعد المذابح المروعة اللي حصلت لليهود علي ايد النصاري الاسبان في اشبيلية وبعدين باقي المدن الاسبانية سنة 794 هـ 1391 م وبعد ما اتدمرت معابدهم واجبروا علي التنصير هاجر اليهود لـ غرناطة بأعداد كتيرة جدا
*الحقيقة ان اليهود بعد كدة ردوا الجميل ده أضعاف مضاعفة لما وقفوا جنب النصاري ضد المسلمين في الحرب اللي اسقطت غرناطة !!
والدليل ان في سنة 894 هـ - 1488 م حصل صاموئيل أبو العافية علي حماية الملكين الكاثوليكيين فرديناند وايزابيلا تقديرا له علي خدماته الجليلة لجيش النصاري الأسبان في حرب غرناطة وكان اليهود فرحانين ع الاخر بالغزو الصليبي لـ غرناطة واستقبلوهم احسن استقبال
ولما احتل فرديناند اشبيلية سنة 646 هـ 1248 م خرج يهودها لاستقباله بعد ما صنعوا ليه مفتاح كتبه عليه
"سيفتحها ملك الملوك، وسيأتي ملك الأرض"
عشان كدة فرديناند ده مقصرش معاهم وأعطاهم 3 مساجد عشان يعملوهم معابد ليهم ده غير بقي انه اخد بيوت المسلمين واهداها لليهود مكافأة ليهم علي الولاء
وبعد كدة سمحت السلطات النصرانية في طليطلة لليهود انهم يمتلكوا العبيد المسلمين
اللهم لا تفتني بما أعمل ولا تفتني بما أقول

بقية الموضوع هنا...

اليهود في الأندلس ( الحلقة الثامنة)



اليهود والسلطة في عهد الموحدون

بعد ما ظهر الضعف علي دولة المرابطون طبعا نتيجة لعدم الإلتزام بالمبادئ والأسس اللي قامت عليها في الأساس
وبعد ماظهر الضعف ده للأعداء المتربصين واللي انتهزوا الفرصة للإنقضاض علي الدولة الاسلامية في الاندلس وفعلا بدأت المدن الاسلامية تنهار الواحدة بعد التانية
وفي ظل حالة الضعف والاستسلام دي ظهرت دولة الموحدين في القرن السادس الهجري بقيادة أبو عبد الله المهدي محمد بن تومرت
وكان هدف دولة الموحدين هو اقامة دولة اسلامية تعود بالمسلمين الي عهد الخلفاء الراشدين وعلي اساس دعوة دينية خالصة تدعو الي المعروف وتنهي عن المنكر
والحقيقة ان موقف اليهود من دولة الموحدين كان سلبي جدا بالذات يهود غرناطة اللي تآمروا علي حاكمها وحطوا ايديهم في ايد الخارجين عن دولة الموحدين لكن قوة الموحدون ساعتها قدرت انها توقف المهزلة دي وتفتك بالخارجين عليها ومعاهم اليهود كمان لكن بصراحة مافيش معلومات تاريخية كافية عن علاقة اليهود بدولة الموحدين اللهم الا بس شوية افتراءات من جانب بعض المؤرخين والمصادر ( اليهودية طبعا ) اللي بتقول
أنّ يهود الأندلس أُرغموا بالقوة على الدخول في الإسلام، وأن معابدهم اتحُوِّلت لـ مساجد، وأنهم جُرّدوا من التوراة، واتقطعت واتمزقت كتبهم الدينية، وأنهم اجبروا علي دخول الاسلام وفضلوا يتظاهروا بالإسلام لغاية نهاية عهد الموحدين في الأندلس، واللي استمر لسنة (620هـ -1223م)
والحقيقة بقي ده كلام مايدخلش العقل لعدة اسباب
أولاً : في البداية كدة لازم ننوه ونقول علي حاجة معروفة للجميع وهي ان دولة الموحدون قامت في الأساس علي الالتزام بالشريعة الاسلامية وتنفيذ أحكام الاسلام ومن أهم تعاليم الاسلام هي احترام اللآخر بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه والاسلام أولي أهمية كبيرة بأهل الذمة نصاري أو يهود وبعدين فيه نص قرآني صريح "لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغيّ..." يبقي ازاي بقي الموحدون هيضطهدوا اليهود تحت أي بند يعني !!
ثانياً: في عهد الخليفة الموحدي أبا يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن أمر في أخر أيامه أن اليهود يلبسوا ملابس تميزهم عن باقي الرعية وفعلا لبس اليهود ملابس بصراحة كان شكلها مسخرة قوي يعني ... جلاليب شكلها مهين واكمام واسعة ع الاخر واصلة لحد رجليهم ولمؤاخذة يعني لابسين كلوتات علي شكل عمائم علي راسهم .... أرجوزات من الأخر....
لكن بعد رجاء و إلحاح شديد من اليهود تم تغيير الملابس والعمم المهينة دي وتم تغيير الوانها للون الاصفر مش فاهم ليه يعني واشمعني اللون الاصفر بالذات ؟ّ!
المهم ان القصة دي بتبين
*ان اليهود كانوا لسة على ملة اليهودية وماكانش فيه اكراه زي ماكتبوا وكمان بتبين
*ان اليهودي كان بيتعاقب زيه زي اي حد أخطأ والدليل ان بعد فترة تم رفع العقاب ده وتم السماح ليهم يلبسوا ملابس آدمية تاني
كمان في نص الرواية عن عبد الواحد المراكشي قال ان جميع يهود المغرب وده دليل ان اليهود كانوا موجودين في المغرب والأندلس طب فين بقي الاضطهاد ؟ حد يقولي هو فين الاضطهاد ؟ فين ؟ فين ؟
ثالثاً: نفي الخليفة الوحدي أبو يوسف يعقوب الي أليسانة العالم والفيلسوف الكبير ( الشارح الأكبر) ابن رشد سؤال هنا بقى
اشمعني اليسانة بالذات ؟ بسبب اشاعات وافتراءات كذب طبعا قالت ان ابن رشد ينسب لبني اسرائيل وانه مالوش اي جذور بين قبائل الندلس
والحقيقة ان نفي ابن رشد لـ أليسانة اللي كانت مليانة يهود في الوقت ده كان بغرض توجيه الاهانة ليه وتاكيد اتهام أعدائه انه من أصول يهودية
رابعاً: ماشوفناش يعني ولا عالم أو مؤرخ جاب دليل واحد علي ان اليهود في عصر الموحدين ولا المرابطين اجبروا علي الدخول في الاسلام وترك اليهودية ولا قرأنا حتي في كتب التاريخ الموثوقة الكتوبة بأي لغة ان اليهود شافوا الويل وسواد الليل في الفترات دي
خامساً: رواية المؤرخ المعاصر لدولة الموحدين اللي قال فيها
" وكان في بياسة سنة (553هـ -1158م) عالم غرناطي يدعى عبد الله بن سهل يحضر دروسه جمع كبير من المسلمين والنصارى واليهود "
ولو كانت الأندلس مافيهاش يهود او حتي اليهود اللي فيها اسلموا او علي الأقل كانوا مضطرين يتظاهروا بالإسلام زي ما بتقول مصادرهم يبقي ازاي كان فيه يهود ونصاري بيحرصوا علي حضور الدروس في زمن الموحدين
سادساً: أصلا كان فيه علماء وأدباء في عصر الموحدين وده دليل واضح علي انهم كانوا مستقرين وآمنين وكانوا بيمارسوا النشاط الأدبي والفكر بكل راحة وحرية زي مثلا اليهودي اللي اسمه يوسف زبارا الأندلسي صاحب كتاب " البهجة والسرور " كمان !! بهجة وسرور !! كمان !!
حتي موسي بن ميمون قال انه تلقي تعليمه في مدينة فاس عاصمة الموحدين علي ايد يهوذا الكاهن


بقية الموضوع هنا...