لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ .تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ

الشخصية اليهودية دراسة أدبية مقارنة

عنوان الكتاب

الشخصية اليهودية دراسة أدبية مقارنة
المؤلف

دكتور محمد جلاء إدريس
الناشر:

عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعي
حجم الكتاب

191 صفحة

يُعد هذاالكتاب من الدراسات المهمة لفهم الشخصية اليهودية؛ لأنه يقدم لنا الدليل للتعامل معها في ظل ظروفنا الراهنة، فالأدبُ هو مرآةُ الحياةِ

مقدمة

بدأ الكاتب دراسته بتوضيح أهمية هذا العمل الذي يعرض لموقف كاتبَين بارزَين في أدبَين مختلفين، فالسير "ولتر سكوت" الأديب الإنجليزي البارع، الذي كتب روايته عام 1820م (رواية إيفانهو)، وكذلك الأديب المصري "فتحي غانم" وروايته (أحمد وداود، ) والتي كتبها عام 1986م

ورغم الفارق الزمني الكبير بين الروايتين، فإنهما تتشابهان في نقاط كثيرة؛ وهو مايدعونا إلى القول بأن الشخصية اليهودية شخصية ثابتة، ويبين أيضًا أهمية هذه الدراسات في فهم اليهود، وتقديم مادة مهمة لعلماء النفس والاجتماع والمحللين والمراقبين؛ وهو ما يسهل عليهم سبل التعامل مع (النموذج اليهودي)، الذي أصبح مفروضًا على الساحة أكثر من أي وقت مضى

ثم قسم كتابه إلى ثلاثة فصول وخاتمة، ثم قائمة بأهم المراجع والمصادر

الفصل الأول

جاء بعنوان (الأدب المقارن: تعريفاته وحدوده)؛ وقد تم تقسيم هذا الفصل إلى أربعة مباحث، كان المبحث الأول بعنوان

(تعريف الأدب المقارن)؛ حيث أشار- بإيجاز- إلى تعريف الأدب المقارن وروَّاده، وأهم مدارسه، فبين أن أمامنا ثلاثَ مدارس بارزةً، أهمها: المدرسة الفرنسية،

ومن أشهر أقطابها "فان تيجم"،الذي يرى أن "غاية الأدب المقارن هي أساسًا دراسة الآداب المختلفة في علاقتها مع بعضها البعض"،

وكذلك "فرنسو جويار"، و"أناساينيا ريفنياس"،التي تعرِّفه بأنه "علم حديث" يهتم بالبحث في المشكلات المتعلقةبالتأثيرات المتبادلة بين الآداب المختلفة،

أما المدرسة الثانية؛ وهي المدرسة الأمريكية،

وعلى رأسها "رينيه ويليك"، الذي يرى ضرورة أن يدرس الأدب المقارن كله من منظور عالمي، ومن خلال الوعي بوحدة كل التجاربالأدبية والعمليات الخلاقة؛ أي يرى أن الأدب المقارن هو الدراسة الأدبيةالمستقلة عن الحدود اللغوية العنصرية والسياسية،

ثم بين جوهر الاختلاف بين المدرستين الأمريكية والفرنسية،

وأعاد جوهر الاختلاف بين المدرستين إلى أن المدرسة الفرنسية تحصر الأدب المقارن في المنهج التاريخي، بينما تتسع الرؤية الأمريكية لتربط بين المنهج التاريخي والمنهج النقدي، باعتبارهماعاملين ضروريين في الدراسة المقارن

ويرى "عبدالحكيم حسان" أن أهم ما يتميز به المفهوم الأمريكي للأدب المقارن أنه قد استجاب للمتغيرات الفكرية والمنهجية التي تطورت خلال النصف الأول من القرن العشرين، ولكنه عاب عليهم طابع الازدواجية، وكذلك القومية التي عابوها على الفرنسيين،

وظهرت مدرسة ثالثة؛ وهي المدرسة الشرقية، التي عكست رد فعلهاتجاه المدرستين السابقتين، وخلص في نهاية هذا المبحث إلى أن هناك تيارين رئيسين، هما: الفرنسي، والأمريكي، ولا تخرج الآراء الأخرى عن حدودهم

أما المبحث التالي- وهو بعنوان (الأدب المقارن واللغات)-

فقد تحدث فيه عن قضية اللغة ومكانتها في الأدب المقارن، والجدل الواسع الذي أثير حول هذه القضية، وكان أول من أثار هذه القضية هو "فان تيجم"، الذي طرح التساؤل حول اللغة

فقال: ما هي حدود أدب من الآداب في عصر من العصور؟

وما هي الحدود التي إذا تعديناها جاز لنا أن نتحدث عن أدب أجنبي وعن تأثر أو تأثير فيه؟ واستعرض الكاتب نظرة الألمان للكتَّاب، وكيف يعدون "هالر" و"بودمر" وغيرهما من مصاف الأدباء الألمان، وكذلك نظرة الفرنسيين للأدباء منهم يقولون: إننانستحيي أن ننسب إلينا من ليس منا،

وضرب مثالاً لوحدة اللغة بين الأدبين الفرنسي والكندي ، ورغم ذلك توجد اختلافات عديدة بينهما، وكذلك الأدب العربي الموجود في (إسرائيل)، والمكتوب بأيدي عربية، وغيره المكتوب بأيدي اليهود، ورغم وحدة اللغة توجد اختلافات بينهما،

ويختم هذا المبحث بقوله : يبقى أن تقول بأن حصر مهمة الأدب المقارن بقيود لغوية أو قومية أو عنصريةهو محاولة لكبت مجالات حيوية داخل نطاق هذا العلم، ولتكن الكلمة الحاسمةلإقرار نظرية أو نفي أخرى للمجال التطبيقي وحده

أما المبحث الثالث فكان بعنوان (أهمية الأدب المقارن)؛ فهو الطريق إلى المعرفة الأعم،معرفة التاريخ الأدبي العالمي، واستعرض آراء منظري الأدب المقارن، مثل "تيجم"، و"ألكسندر ديما"، وختمها برأي الدكتور "الطاهر مكي" يبين فيه أن غاية الأدب المقارن يشِي بها منهجه، فهو يفسر لنا ظاهرة أدبية بواسطة ظاهرة شبيهة، ويوضحها في هذا تحقيق للمتعة والفائدة

أما المبحث الرابع فهو بعنوان (ميادين ومجالات الأدب المقارن)، تناول في بداية هذاالمبحث التعريف ببعض المصطلحات، مثل: التأثير،

وأوضح أن للتأثير مراحل، أولها: الاهتمام والدراسة، وثانيها: الاستيعاب، وثالثها: الانعكاس أوالتأثير،

وأوضح أيضًا الفرق بين التأثير والتقليد من ناحية المضمون،وبيَّن أيضًا أن التأثير منه الإيجابي ومنه السلبي، وضرب مثلاً بتأثير "جوته" الألماني في الأدب الروسي،

أما "التوازيات" فيبين الكاتب أنها تحظى باهتمام كبير في دراسة الأدب المقارن، وبيَّن وجهة نظر المدرسة الأمريكية في التوازيات هي المقارنة في حد ذاتها بين العملين الأدبيين دون النظر إلى ما إذا كانت هناك علاقة فعلية أم لا، وكذلك وجهة النظر الروسية التي تفترض وجود أوجه شبه في آداب الشعوب

أماالعلاقة فمعناها وجود ثمة اتصال بين كاتبين أو أديبين بطريق اللقاء، أوتبادل الرسائل، أو قراءة أحدهما مؤلفات الآخر،

و"دراسة النموذج الإنساني"،ويقصد بها تقديم صورة أدبية متكاملة الأبعاد لشخصية أو لطائفة إنسانية بحيث يعكس مجموعة من المحاسن أو العيوب

أما "دراسةالمواقف"، فتمثل علاقة الكائن الحي ببيئته وبالآخرين في زمان ومكان محددين، وضرب مثالاً لذلك بيَّن فيه معنى دراسة الموقف، فقال مثلاً: دراسة موقف كاتب بعينه من بلد أجنبي، وما عرف عن اختلاف هذا الشعب وعاداته وفكره العام،

فقال مثلاً: قد أبدى الفرنسيون اهتمامًا واضحًا بالنموذج الإنجليزي.. ففي بحث للفرنسي "بيير ريبول" بعنوان (الأسطورة الإنجليزية في الأدب الفرنسي- مرحلة الإصلاح) عرض فيه الكاتب صورة الإنجليزي لدى الرأي العام الفرنسي في الفترة من 1815م إلى1830م، وختم المبحث بتوضيح العلاقةبين علم الأدب المقارن وتاريخ الأدب، وبيَّن أن بإمكان الباحث دراسة جذورالظواهر الأدبية ومصادرها وتأثيراتها والنشأة الذاتية

وكذلك (أدب الرحلات) فهو المعين الذي يستقي منه (الأدب المقارن) معلوماته عن الشعوب،بإمكان (الأدب المقارن) أن يوازن بين شهادات الرحالة عن شعب معين؛ سواء من خلال رحالة واحد؛ كدراسة صورة إسبانيا في شعر "شوقي" مثلاً، أو أكثر من رحالة، وفي نهاية المبحث أكد أنه وضع يد القارئ على بعض مجالات (الأدب المقارن) وأهمها فقط، ولكن هناك العديد من المجالات التي يتسع لها (الأدبالمقارن)

الفصل الثاني

وقد تناول فيه الكاتب (صورة اليهودي في الأدب الإنجليزي)، وقسم هذا الفصل إلى مبحثين أساسيين:

المبحث الأول بعنوان (صورة اليهودي في الأدب الإنجليزي) بوجه عام،

فقال: إن شخصية اليهودي في الأدب الإنجليزي معقدة؛ حيث يرتبط الخيال الأدبي بالمشكلة التاريخية، ومن ثم جاءت صورة اليهودي في الأدب الإنجليزي مزدوجة حقًّا، فهو يثير الرعب والخوف والكراهية من جانب، ومن جانب آخريبعث في النفوس الإعجاب والرهبة،

فمثلاً: كانت أول رواية إنجليزية كان لليهود فيها دور بارز، هي رواية (The Unfortunate)، التي كتبها "توماسناش" عام 1594م، ومن بين شخصياتها يهوديان: الأول: طبيب بشري يشتري المسيحيين الأحياء من الثاني لأغراض تشريحية؛ وهو ما يعيدنا إلى أساطيرالقتل الشعائرية اليهودية، ولكن اليهود لعبوا دورًا بارزًا في الحياةالاقتصادية الإنجليزية؛ وهو ما ترك أثرًا كبيرًا على كُتَّاب الرواية،الذين غيروا نغمة تناول الشخصية اليهودية من الشدة إلى الرقة واللين،وكذلك كان للدور الذي قام به اليهودي في حرب إنجلترا ضد "نابليون" فيمعركة (واترا) عام 1815م، وتجنيد ثروته لصالح إنجلترا؛ الأثر الواضح في تحسين صورة اليهود، ووضعهم في البلاد،

ونتيجة هذه العوامل وغيرها تغيرت صورة اليهودي في الأدب الإنجليزي، وكانت رواية "إيفانهو" لسير "والترسكوت"، فقد كان أكبر الأثر في الأدب الإنجليزي؛ لأن القارئ الإنجليزي الذي لا يعرف شيئًا عن التاريخ اليهودي أن يخوض من خلال هذه الرواية إلى أعماق الرومانسية، وأن يعيش معاناة هذا الشعب المضطهد في إنجلترا من خلال قصة اليهودي "إسحق" وابنته "ربيكا"، ولقد أعلن "سكوت" أنه قد تأثر بوصف حالة اليهود في ألمانيا عن طريق أحد أصدقائه، وكان "سكوت" مفتاحًا لأكثرالأدباء الإنجليز لخوض تجربة الكتابة عن اليهود

أماالعملاق "تشالرز ديكنز"، فقد بدأ قصته الشهيرة (oliver twest) يعرض طبقة من المجرمين اليهود على رأسه شخصية (fagin)، وللحق لم تكن شخصية اليهودي عند "ديكنز" مستهدفة، بل كان يعرض الواقع في المجتمع الإنجليزي، ولكن "ديكنز" كتب رواية بعدها بعنوان (ourmatual friend) صوَّر فيها اليهودي الدمث، الذي يدين بالعرفان لعنصره،

واستمرت الروايات تتوالى، وبيَّن الكاتب أن فترة التسعينيات شهدت العديد من الأعمال الأدبية التي شدت انتباه القراء للغز الشخصية اليهودية، كما وجدت طبقة من الكتاب هاجمت أسلوب اليهود التجاري المادي، وكذلك بعض الروايات التي عالجت أوضاع اليهود في الإمبراطورية البريطانية،

أما في نهاية القرن العشرين فقد تضاءل الاهتمام بالشخصية اليهودية، ولم يعد كما كان، خاصة بعد أن انتفى وجود مشكلة يهودية في بريطاني

أما المبحث الثاني فهو بعنوان (الشخصية اليهودية في رواية "إيفانهو") للسير "ولترسكوت" بعدما قدم تعريفًا بالكاتب في هامش الصفحة، أشار في البداية إلى ضرورة معرفة الخلفية التاريخية لهذه الرواية، التي تميزها، ومن أهمها

(أ‌) الغزو النورماندي

(ب‌) النظام الإقطاعي

(ج) الخارجون عن القانون

(د) الكنيسة

(ه) الحروب الصليبية

ثم عرض الرواية من خلال محورين

المحور الأول : الشخصية اليهودية في نظر الأوروبي المسيحي

فقد بيَّن الكاتب كيف عكست الرواية (إيفانهو) نظرة الأوروبي المسيحي لليهودي ،وهي بلا شك نظرة سلبية، وقد أبدى كاتب الرواية تعاطفه معه؛ ففي الفصل الخامس من الرواية قدم "سكوت" اقتباسًا من تاجر البندقية لـ"شكسبير"، عبرفيه عن تعاطف الكاتب مع اليهود، فمفهوم الاختلاط باليهود والابتعاد عنه هومن سمات الموقف المسيحي الأوروبي تجاه اليهود

ونجد ذلك في كثير من العبارات التي وردت في (إيفانهو): "وبينما كان "إسحق واقفًاهكذا منبوذًا من الجميع كله، نبذ سائر أمم الأرض لجنس يبحث عبثًا عن ركن أو مكان يسكن إليه، ويبلغ الازدراء ذروته عندما يعف المسيحي عن ذكر اسم إحدى سيدات قومه الشريفات في منزل يهودي"

بل وصل الأمر في الرواية إلى الخوف من ملامسة اليهودي لمسيحي،

واستمر "سكوت" في عرض جوانب الاضطهاد التي تعرض لها اليهودي في تاريخ بلاده. من هذه الصور التي عرضها "سكوت"

ومن القصص المعروفة عن الملك "جون" و"يوحنا" أنه ألقى بيهودي ثري في سجن بإحدى القلاع الملكية، وأمر بأن تنتزع كل يوم إحدى أسنانه، وبعد أن أصبح فكُّ ) الإسرائيلي) نصفَ خاوٍ، رضي بأن يدفع مبلغًا من المال، كان الطاغية يهدف إلى أن يأخذه منه غصبًا،

وقدم "سكوت" في الفصل الثالث والأربعين نماذج من اضطهاد المسيحي لليهودي، ممثلاً في محاكمة اليهودية الحسناء "ريبكا" بنت "إسحق"، تلك المحاكمة الظالمة الغاشمة التي ساهم عرض "سكوت" لها بهذاالأسلوب في استدرار عطف القارئ، وميله لمؤازرة اليهودي

أما المحورالثاني فهو"الشخصية اليهودية".. فعلى الرغم من تداخل الشخصيات اليهودية فيتلك الرواية، إلا أن "سكوت" استطاع رسم ملامحها وسماتها بشكل رائع

-1 حب المال: رسمت تلك الرواية العلاقة الفطرية بين اليهودي والمال، وكيف أصبح المال مسيطرًا على تصرفات الفرد ومهيمنًا على وجدانه ومشاعره وأحاسيسه،

فكما يقول "سكوت": حب اليهودي للمال حب بالسليقة، وليس وليد ظروف.. فقدم "سكوت" جوانب العلاقة الحميمة بين اليهودي والمال؛ فهم يتعاملون بالربا،وكذلك أساليب اليهودي في التعامل المالي،

فقال "سكوت": إنه لعجيب أن ترضى كل هذه القلوب المسيحية النابضة بالحياة بأن تلعق مثل هذه الأفاعي الناهشة في أحشاء الكنيسة المقدسة نفسها بالربا الدنس وابتزاز الأموال

2-البخل: بيَّن هنا تناقض اليهودي في تعاملاته؛ فهو كريم جدًّا مع أهل قومه، على العكس تمامًا مع الأغيار.. فيقول "سكوت": واليهود كما هو معروف عنهم مسرفون في أداء واجب الضيافة والإحسان والجود مع بني جلدتهم قدر ما يذاع عنهم من غلظة وإحجام عن القيام بهذه الواجبات عمن يسمونهم بالكفار، الذين كانوا يلقون على أيديهم معاملة لا يمكن أن تتصف بالسخاء

3-الخوف والجبن: اشتهر اليهود بالخوف والجبن، وقد لمس ذلك "سكوت"، وعكست روايته تلك السمة، وعبر عنها في مناظر رائعة أصدق تعبير، وجعل القارئ يتخيل تلك الحالات اليهودية وكأنه يراها، فيقول "سكوت" واصفًا حالة اليهودي "إسحق وقومه " وعندما كان يمر بالجالسين ناظرًا إليهم نظرة فيها جزع وفزع، وفيها استعطاف وخضوع، ويتلكأ عند كل جالس على الجزء المنخفض من المائدة، وكان الخدم الساكسونين يرفعون أكتافهم سخرية منه

ثم أنهى الكاتب عرض رواية "سكوت" بذكر الصفات المتفرقة لليهودي عبر الرواية، التي وردت، وأقل تركيزًا من الصفات السابقة، مثل: نفاق اليهود، والبراعة في الإفلات من الأخطار، وذكر أيضًا صفات حسنة لليهودي؛ وهي الرحمة، فقال "سكوت": "إن الرحمة التي تنطوي عليها قلوب اليهود أقل من تلك التي يتحلى بها ضابط شرطة غير مرتشٍ"

وأخيرًاذكر الكاتب صفات اليهود المتفرقة، التي وردت في الرواية، منها: الخيانة،والغدر، والحنث بالوعد والعهد ؛ لتتم لنا رسم الشخصية اليهودية كما عاصرها "سكوت"، على الرغم من تعاطفه التام، وانحيازه البيِّن إلى جانب هذه الشخصية

الفصل الثالث

كان بعنوان (صورة اليهودي في الأدب العربي المصري)؛ حيث بدأ الكاتب هذا الفصل بعرض صورة اليهودي في الأدب المصري عامة، فبيَّن أن الأدب المصري لم يهتم اهتمامًا واسعًا بالشخصية اليهودية (يقصد الرواية والقصة)؛ وذلك لعدةأسباب من أهمها

-1 أن نشأة القصة والرواية حديثة نسبيًّا

- 2أن وجود اليهودي في مصر لم يكن مشكلةً على مر التاريخ

3-موقف الشعب المصري تجاه اليهود لم يعرف بالتعصب الصهيوني الذي تُوِّج بإقامة الكيان الصهيوني وحالة الحروب الدائمة التي ميزت هذه العلاقات،

فإن كُتَّابًا بارزين في الأدب المصري الحديث لم يتعرضوا على الإطلاق لهذه الشخصية في كتاباتهم، مثل: طه حسين، أو نجيب محفوظ، أو يوسف إدريس، وغيرهم.. وأشارإلى بعض النماذج التي ورد فيها صورة اليهودي، مثل: (إبراهيم الكاتب (للأديب المصري المازني عام1931م، والإشارات السريعة التي وردت في كتابات "نجيب محفوظ"، ولكنها لا ترقى إلى الحديث عن صورة يهود محددة المعالم، وأيضًا "إحسان عبد القدوس"، الذي كان من أكثر الأدباء المصريين تناولاً للشخصية اليهودية، و"باكثير"، و"نجيب الكيلاني" وقصصه الرائعة: (حارةاليهود)، و(عمر يظهر في القدس)، وهناك أيضًا روايات المخابرات المصرية،مثل: أعمال الكاتب "صالح مرسي"، وهذا عرض موجز لصورة اليهودي في الأدب المصري عامة.

أما الشخصية اليهودية في رواية "أحمد داود"، فكانت عنوان المبحث الثاني، وعرض هذه الرواية في ثلاثة محاور رئيسية

المحور الأول: العلاقات بين عرب فلسطين ويهوده

ترسم هذه الرواية صورةً للعلاقة بين العرب واليهود قبل قيام الكيان الصهيوني،وانقلاب الأمور.. فـ"أحمد" رمز للوجود العربي في فلسطين، و"داود" رمزللوجود اليهودي، وتجسد الرواية شدة التقارب بين الشعبين؛ لذلك يستبعد "أحمد" أن يشارك "داود" وقومه في ذبح أحمد وإلهه

وتستمرالرواية في عرض الحق العربي في الأرض، فيقول: "الأرض أرضنا، والشجرةشجرتنا، وكلاهما يتحالفان معي ضد "داود"، الذي يعيش في القدس؛ حيث دكان أبيه الساعاتي"

ولقد مثلت الرواية "سارة اليهودية" رمز الانفصال اليهودي؛حيث رفضت العيش مع العرب، وانتقلت للعيش مع أبناء جلدتها، فتقول الرواية: "أراها عطوفة ناعمة، وهي مسلحة بالقنابل، ومدججة بالسلاح، وأراها طيبةحنونًا، وهي مريبة خادعة، تعيش مع أوغاد يسوسونها"،

كما استطاعت الرواية تصوير طبقة المنافقين العرب، الذين يلعبون على الطرفين لتحقيق المصالح الشخصية

في النهايةهذا المحور الذي استطاع الكاتب فيه إبراز أسباب التغيير الذي حل بالعلاقات العربية اليهودية داخل فلسطين، ومن أهم هذه الأسباب تسرب الفكر اليهودي مع تسلل اليهود الغرباء إلي أرض فلسطين، فيقول الكاتب: "من يذهب هناك لايعود، وإذا عاد يحمل معه السلاح، ولا يتعامل معنا إلا بالرصاص"

أما المحورالثاني فكان بعنوان (الفكر اليهودي)، فقد عكست الرواية من خلال أحداثهاوتفاعلاتها مبادئ أساسية للفكر اليهودي الذي قام عليه الكيان الصهيوني،وأول ما نلاحظه في الرواية اهتمام اليهود بشراء كل ما يمكن شراؤه من أرض فلسطين، فتقول الرواية: "عندما تسأل الأهالي عن المالك الجديد لضيعة "شوكتالأنصاري".. إنه يهودي، ليس في هذا شك"

وتبيِّن الرواية أن المهاجرين اليهود جاءوا وحملوا معهم بذور التغيير الاجتماعي ليهود فلسطين، فعندما رأت "راشيل" الروسية "سارة" اليهودية الفلسطينية قالت: "انظروا كيف تقف متعبدة؟ هكذا تعود في هذه البلاد الرجال منعزلون عن النساء.. البنات مفروض عليهن في حريم الشرق، وهذا ما لابد من تغييره". وهكذا تبدأ الرواية في عرض صورة المرأة اليهودية في فلسطين مقارنة لصورة اليهودية الغربية

وهناك مبدأخطير من مبادئ اليهود، يعرض له الرواية؛ وهو ثابت تاريخيًّا؛ وهو مبدأ التضحية ببعض اليهود من أجل تحقيق المكاسب، فتعرض الرواية لقرية عربية كانت فيها بركة من الماء الطاهر، يفد إليها اليهود للوضوء، وكان حضورهم للمكان يمثل نشاطًا سياحيًّا لأهل القرية، وذات يوم وجد الأهالي جثة جمل ميت في مياه البركة الذي أزعج الجميع، وحاولت المصادر اليهودية إلقاء تبعة هذه الجريمة على العرب للإيقاع بين اليهود والعرب من ناحية، وتحقيق هدف صهيوني من ناحية أخرى، ولم يكن للعرب مصلحة في وقوع هذه الجريمة، بل هم الخاسرون.. ورغم انخداع اليهود واعتقادهم بأن العرب هم الفاعلون، إلا أن هناك من يعرف الحقيقة مثل "شالوم"، والرواية حافلة بالمواقف الفلسطينية والمشاعر العرقية تجاه الأرض، وكذلك تستعرض المبادئ اليهودية التي قامت على أساسها الدولة مثل مبدأ "الأرض المقدسة" والعنف شريعة اليهود لفرض فكرهم ومبادئهم وغيرها

أما المحورالثالث، فكان بعنوان (ملامح الشخصية اليهودية)؛ حيث استطاع "فتحي غانم" رسم ملامح وسمات الشخصية اليهودية، وتتفق هذه الملامح في مجملها مع الشخصية اليهودية في معظم الروايات العربية، بل الإنجليزية أيضًا أول هذه السمات والملامح

1- الخيانة

أول ما يميزالشخصية اليهودية في هذه الرواية الخيانة، وقد عرضها "فتحي غانم" في مستويات مختلفة، فتقول الرواية عن يهود فلسطين: "سيبيعوننا للغرباء ليكسبوا ثقتهم"، وتستمر الرواية في تقديم نماذج كثيرة للخيانة والغدر،وبينت أيضًا كيف أن اليهود دائمًا ما يأتون من الظهر، ولا يستطيعون المواجهة، وكيف ساهمت الخيانة في ضياع فلسطين ومأساة العرب

2- الإرهاب

عرض الكاتب لتاريخ اليهود الإرهابي على مرِّ الزمان، فقد تم عرض الملامح الإرهابية للشخصية اليهودية لتؤكد لنا أن الإرهاب صناعة يهودية؛ حيث بدأت الرواية منذ صفحاتها الأولي في عرض صورة الإرهابي اليهودي

يقول "أحمد" في بداية الرواية: "لقد رأيت فيما يرى النائم أنني أجري.. هنا نحو قريتي.. في يوم قائظ وهلع كبير ينهش صدري؛ لأن أمي وأبي وإخوتي وأطفالهم يذبحون بالخناجر، بينما ينسف الديناميت بيوتنا"، وتستمر الرواية في عرض صورة هذاالإرهابي الذي لا يعرف الرحمة والرأفة ووقوف الإنجليز والأمريكان معهم فتقول: "أحد يقف مع وحوش تذبح الأطفال والنساء"

3- النفاق

عرضت الرواية سمة أساسية من سمات اليهود؛ وهي النفاق، فتغير "داود" اليهودي الفلسطيني لجلده ليس سوى نوع من المداهنة؛ النفاق الذي علق لشخصية اليهودي في هذه الرواية

4- الجبن

وهو من السمات الرئيسية للشخصية اليهودية التي عرض لها الكاتب، فتقول الرواية عن الجبن اليهودي وقت الشدة: "وصاحت سارة اليهودية في خوف أنها ذاهبة،ونادت "داود" اليهودي، وتركاني أواجه الشركسي المارد وحدي". فعندما يتطلب الأمر مواجهة يهرب اليهودي، فتقول الرواية: "في دارنا كان الرجال ينادونعلى اليهود الذين فروا كالأرانب مذعورين".

5- الإيقاع بين الناس

وحكاية بركة الماء التي سبق عرضها خير شاهد على ذلك، فاليهود يريدون الإيقاع بين المسلمين بعضهم مع بعض لتحقيق المكاسب

6- الغرور والغطرسة وأخلاقيات أخري

فتعرض الرواية غطرسة اليهود، فتقول: "إنهم يسخرون من العالم، ولا يهمهم أي شيء".. أما عن الأخلاقيات الأخرى التي عرضت لها الرواية، فمنها مثلاً: "الإغراء النسائي لاصطياد الفريسة"، وغيرها من الصفات الأخلاقيات اليهودية
الخاتمة

وختم الكاتب كتابه بخاتمة بيَّن فيها السمات والخصائص الثانية في الشخصية اليهودية، مثل: الحب الغريزي في المال، والغدر، والخيانة، والنفاق،والفسق، والإرهاب، والخوف، والجبن؛ وهي صفات ثانية في الشخصية اليهوديةعلى أي أرض عاشوا فيها.. ولعل هذه الصفات تكون المفتاح الحقيقي لمعرفة طريقة التعامل معهم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق