لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ .تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ

الأقصى .. وجع الأمة



الأقصى .. وجع الأمة
د. عيدة المطلق قناة

إن حكومة الاحتلال الصهيونية إذ تطالب بضرورة الإقرار بـ "يهودية الدولة الإسرائيلية" كشرط مسبق لمجرد قبولها باستئناف مفاوضات التسوية إنما تؤكد - وربما للمرة الألف – بأنها تلعب في تزجية الوقت حتى استكمال مشروعها التهويدي لكل فلسطين ومقدساتها .. إن القضية الفلسطينية بعامة .. وقضية القدس والأقصى بخاصة باتت اليوم أمام استحقاق التصفية الصهيوني ..
ولعل من غرائب الأمور أنه في ظل مسلسل التراجعات والانتكاسات العربية ، أن تصبح الثوابت التي توافقت عليها الأمة عناوين قابلة للمساومات في سوق التفاوض العبثي.. وأن تصبح المصالحة العربية.. ومن قبلها المصالحة الفلسطينية مشروطة بكم التنازلات المسفوحة على مذبح هذه المساومات ودرجاتها ..

ويكفي أن نستقطع من هذه الثوابت قضية القدس والأقصى .. للاستدلال على حجم الأذى الذي لحق بالقضية بسبب هذه التراجعات والمساومات على الثواتب ..
نحن اليوم أمام هجمة استيطانية شرهة في القدس .. ففي شهر شباط/ فبراير الماضي 2009 وحده .. أعلن الصهاينة عن مخططهم لبناء (11 ألف ) وحدة استعمارية في القدس المحتلة.. ليكون أوسع مشروع استعماري منذ 50 عاماً .. وترافق هذا الإعلان مع إقرارهدم ثمانية وثمانين (88) منزلاً فلسطينيًّا في حي "سلوان" الواقع شرق سور البلدة القديمة لمدينة القدس وتهجير ألف وخمسمائة (1500) مواطن فلسطيني مقدسي قسراً من هذه المدينة المقدسة، والبدء في شق نفق في البلدة القديمة لإقامة مشروعهم الشيطاني المسمى بـ"الحوض المقدس" في قلبها .. وتتم كل هذه الإجراءات في إطار مخطط منهجي لتدمير حقوق الشعب الفلسطيني والاستيلاء على أرضه وممتلكاته، وقضم مدينة القدس المحتلة وتجريدها من كافة المعالم الإسلامية.. يترافق ذلك مع عمليات متواصلة من الترحيل والتهجير والتطهير العرقي ..

وحول الأقصى وتحته هناك أعمال حفر وأنفاق تدميرية واسعة ومتواصلة تقوم بها سلطة الآثار الصهيونية تحت مباني مدينة القدس والمسجد الأقصى .. والاعتداءات على بيوت المقدسيين باحتلالها وهدمها ومصادرتها تتسع وتتكرر بشكل بشع .. هناك عزل متواصل للمدينة بعامة وللمسجد الأقصى المبارك بخاصة.. كل ذلك في مسعى لإفراغ المدينة المقدسة من مضمونها الإسلامي والعربي..!!

أما الأقصى فتحيق به الأخطار من كل اتجاه.. لقد أعلنت الجماعات والمنظمات اليهودية عن " حملة شدّ الظهر " لإقتحام المسجد الأقصى و"تطهيره من الإحتلال العربي والإسلامي" .. كما أعلنت سلطات الاحتلال قبل ذلك عن فتح أبوابه للزوار والسياح بغرض حثهم على المشاركة في مشاريع تهويده ذاته لا مدينة القدس فحسب .. وفي (26/3/2009) تم الكشف عن مخطط إسرائيلي لإقامة سكة قطار صغير ومصعد أسفل ساحة البراق في المسجد الأقصى.. وهذا المخطط يهدف لتغيير معالم القدس بالكامل..

إذن حال الأقصى يتلخص في :
1. عمليات حفر.. لقد حفروا أساساته حتى باتت مهددة بالانهيار لضعفها ..وباتت التصدعات والتشققات تخترق كل ساحاته وأعمدته..
2. عمليات الهدم والإزالة: لقد هدموا بعض أبوابه.. وهاهي جرافات الإحتلال تواصل هدم طريق باب المغاربة ليلاً .. فهم في سباق مع الزمن لإزالة كل أثر عربي وإسلامي يتم اكتشافه من خلال حفرياتهم ( كشف عالم آثار صهيوني عن أن الاحتلال أزال سراً مسجداً تاريخيا اكتشفته الحفريات الصهيونية عند باب المغاربة الذي يحفرون عنده منذ ثلاث سنوات (
3. عمليات التهويد وتغيير المعالم: هناك عمليات تهويد شاملة لأسوار الأقصى من الزاوية الغربية الشمالية من السور.. وعمليات تغيير معالم في مناطق واسعة من السور في الجهة الغربية وأقصى الجهة الجنوبية الغربية لأسوار البلدة القديمة... وفي معالم باب النبي داوود .. ناهيك عن مخطط تغيير معالم باب الخليل وباب الساهرة وتغيير مسالك السير والمحيط المجاور لأبواب البلدة القديمة في القدس.
4. مخطط تقسيم المسجد : هناك مخطط لتقسيم المسجد الأقصى وتهويده بإقامة معبد يهودي على حسابه.. تماماً كما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل!!.
5. بناء الكنس والمعابد : فقد تم بناء كنيس يهودي بجانب المسجد الأقصى توطئة للانقضاض عليه.. وهناك تخطيط لبناء سلسلة من الكنس اليهودية لتخنقه من جميع الجهات( تم هدم طريق باب المغاربة لبناء هذه الكنس عليها)
6. قبة الصخرة : إنهم ماضون نحو طمس قبة الصخرة - أبرز معالم المسجد الأقصى المبارك، بل أبرز معالم القدس وفلسطين من خلال تسويرها بسلسلة من الكنس والمباني المرتفعة ..
7. تغيير وتزوير وجه القدس الإسلامي والتاريخي : هناك مشاريع سياحية وترفيهية تتناقض مع الطابع الديني الإسلامي في القدس.. وصلت حد سرقة أحجار من الأقصى ووضعها أمام المبنى العام في الكنيست بزعم أنها من أحجار "المعبد" الثاني المزعوم
8. الممارسات الشائنة : لقد تطاولوا على كل شيء .. وفعلوا كل مشين فالأقصى من حيث القداسة لم يعد يشكل خطا أحمرا بالنسبة للصهاينة ..
9. اختراق الجدار العربي حول الحرم القدسي الشريف: فقد تم تخصيص مساحة 950 مترًا مربعاً؛ بجوار حائط البراق داخل الحرم القدسي لإقامة مبنىً من ثلاثة طوابق يضم ملحقًا للشرطة ، ومركز "أجيال" لخدمة الزوّار اليهود الذين يتردَّدون على حائط البراق.. وعللوا هذا المشروع بـ"الحاجة الملحة لتوفير الحماية الأمنية لملايين اليهود الذين يتردَّدون على المنطقة".

تصعب الإحاطة بكل أشكال التنكيل اليهودي بالقدس والأقصى في سياق مقالة..ولكن خلاصة الموقف أن الاحتلال يسابق الزمن لفرض سياسة الأمر الواقع عبر أبشع أنواع الإرهاب المنظم!! .

والمقدسيون من جانبهم.. ومعهم بعض الفلسطينيين من الضفة الغربية ومن داخل الخط الأخضر .. يتصدون للأذى بصدروهم العارية .. وهم في هذا السبيل يتعرضون للقمع والضرب والتوقيف والتحقيق والسجن والطرد .. وحتى الحرمان من الصلاة في الأقصى .. !!

وأما لجنة "إعمار الأقصى" الأردنية فكثيرا ما تشكو الحال للمنظمات العالمية المعنية وكثيراً ما تطالبها بالضغط على "الإسرائيليين" لوقف انتهاكاتهم ؛ استنادا الى اتفاقيات جنيف والقرارين رقم (252) و(2252) الداعيه لعدم المساس وتغيير معالم القدس.. ولكن لا حياة لمن تنادي .. !!

ونحن بدورنا نتساءل :
• هل يمكن للمنظمات الدولية أن تستجيب لنداء مهما كانت مشروعيته وكائنا من كان مطلقه في ظل كل هذا الصمت العربي المريب ؟
• وهل ننتظر ضياع الأقصى وتقسيمه مع الصهاينة كما فعلوا في الحرم الأبراهيمي لنبادر برفع عقيرتنا بالصراخ؟!

إن مصير القدس والأقصى يتحدد اليوم ..ولا بد من تحرك منسق لمنع العدو من الاستفراد بالشعب الفلسطيني وبالمقدسات..ففلسطين كلها أرضٌ ومقدساتٌ ملكٌ للأمة .. وأن الحقوق الثابتة للأمم لا تسقط بالتقادم ولا بالإرهاب .. لا بد من تحرك عربي إسلامي فاعل لصد العدوان الاسرائيلي على المسجد والقدس وكل فلسطين.. فالأقصى جزء من عقيدة الأمة ومن أقدس مقدساتها .. فـ (انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله)..قبل أن تنالنا لعنة الأقصى .. ولعنة الأجيال..!!

هناك تعليقان (2):

Entrümpelung wien يقول...

شكرا على الموضوع

Räumung يقول...

شكرا على الموضوع

إرسال تعليق